سنة أولى (صيام)
صفحة 1 من اصل 1
سنة أولى (صيام)
سنة أولى (صيام)
ما زالت نقطة ضعفي في مكانها ، لم تصغر ،لم تغب، ولم تذُب بإناء العمر..مذ كنت في السادسة من عمري..وآخر دقيقتين من عمر النهار الرمضاني توازيان عندي طيلة النهار..
ما زلت أذكر تفاصيل السنة الأولى من الصيام ،وكيف كان جسدي النحيل يثير الشفقة لدى الأهل والجيران،فكلما زارنا قريب أو توجّهت الى دكّانه في الحارة كانوا يقولون بعد مروري من أمامهم لدّوا الولد شلون بطنه هافت .. صحيح أنّ معظم الأيام الأولى: (كروعت فيها مي وراء الخابية تا فلّست)..و تمّددت خائر القوى بالبيت الشرقى مدّعياً الظمأ..إلا أنني كنت صامداً أمام الطعام وخاصة البيض عيون الزائد عن وجبة السحور ،والذي كان يستفزّني بصفارتيه اللئيمتين إلى الإفطار عامداً متعمّداً في نهار رمضان..
** تمضى الساعات وقبل الأذان بدقائق،كنت أتحول إلى مومياء جالسة على ركبة ونصّ وفي حضنها رغيف كماج،انتظر أي خربشة أو نحنحة من المسجد البعيد علها تشعرني بقرب الأذان،أحياناً كنت أتسلّى بقوة حاسة الشم لدي، فأشتم رائحة الخبز من كفر خل و الجميد من يرقا ، والشعيرية من الهاشمي الجنوبي ..وأصنّف طبخات الحي طبخة طبخة وأي منها على لحمة وأي منها على دجاج وأي منها على عدس..
قلت أن آخر دقيقتين من عمر النهار الرمضاني توازيان النهار بأكمله، ليس بسبب الجوع فقط، بل بسبب التقاليد التي كانت تحكمنا، مثلاً كان الأهل يعتمدون أذان الجامع الكبير دون سواه،لذا فعلينا انتظار الجامع الكبير حتى يبدأ أذانه لنفطر صح ، أحياناً كان ينسى المؤذن ان يفتح السماعة الخارجية فنضطر للانتظار عشر دقائق إضافية من باب التحوط على الصيام..
وحتى لو أذّن مؤذن الجامع الكبير على الوقت تماماً ، فإنك ستجابه بنظرات الاستهجان و الجحر اذا ما أفطرت قبل أن يتشهّد .. فالتشهد هو توقيت الإفطار الفعلي حسب العادة..
** زمان بشوكه وورده يبقى أجمل..صحيح أن الأذان كان متفرقاً لكن كانت القلوب موحّدة ، الآن أصبح الأذان موحّداً..لكن القلوب متفرقة..
أحمد حسن الزعبي
ما زالت نقطة ضعفي في مكانها ، لم تصغر ،لم تغب، ولم تذُب بإناء العمر..مذ كنت في السادسة من عمري..وآخر دقيقتين من عمر النهار الرمضاني توازيان عندي طيلة النهار..
ما زلت أذكر تفاصيل السنة الأولى من الصيام ،وكيف كان جسدي النحيل يثير الشفقة لدى الأهل والجيران،فكلما زارنا قريب أو توجّهت الى دكّانه في الحارة كانوا يقولون بعد مروري من أمامهم لدّوا الولد شلون بطنه هافت .. صحيح أنّ معظم الأيام الأولى: (كروعت فيها مي وراء الخابية تا فلّست)..و تمّددت خائر القوى بالبيت الشرقى مدّعياً الظمأ..إلا أنني كنت صامداً أمام الطعام وخاصة البيض عيون الزائد عن وجبة السحور ،والذي كان يستفزّني بصفارتيه اللئيمتين إلى الإفطار عامداً متعمّداً في نهار رمضان..
** تمضى الساعات وقبل الأذان بدقائق،كنت أتحول إلى مومياء جالسة على ركبة ونصّ وفي حضنها رغيف كماج،انتظر أي خربشة أو نحنحة من المسجد البعيد علها تشعرني بقرب الأذان،أحياناً كنت أتسلّى بقوة حاسة الشم لدي، فأشتم رائحة الخبز من كفر خل و الجميد من يرقا ، والشعيرية من الهاشمي الجنوبي ..وأصنّف طبخات الحي طبخة طبخة وأي منها على لحمة وأي منها على دجاج وأي منها على عدس..
قلت أن آخر دقيقتين من عمر النهار الرمضاني توازيان النهار بأكمله، ليس بسبب الجوع فقط، بل بسبب التقاليد التي كانت تحكمنا، مثلاً كان الأهل يعتمدون أذان الجامع الكبير دون سواه،لذا فعلينا انتظار الجامع الكبير حتى يبدأ أذانه لنفطر صح ، أحياناً كان ينسى المؤذن ان يفتح السماعة الخارجية فنضطر للانتظار عشر دقائق إضافية من باب التحوط على الصيام..
وحتى لو أذّن مؤذن الجامع الكبير على الوقت تماماً ، فإنك ستجابه بنظرات الاستهجان و الجحر اذا ما أفطرت قبل أن يتشهّد .. فالتشهد هو توقيت الإفطار الفعلي حسب العادة..
** زمان بشوكه وورده يبقى أجمل..صحيح أن الأذان كان متفرقاً لكن كانت القلوب موحّدة ، الآن أصبح الأذان موحّداً..لكن القلوب متفرقة..
أحمد حسن الزعبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى